قال: ما أرى ذلك، قد أرادوا خيرا حتى خافوا الهلاك فلا أرى عليه شيئا.
قال محمد بن رشد: قوله في الذي ربط الرجل في حبل ودلاه في بئر فلما انقطع الحبل الآخر الذي ربطه في الخشبة فخشي أن يذهب معه فخلى سبيل الحبل فمات؛ إن عليه الدية ولا يشبه السفينة يريد بالسفينة المسألة التي ذكر بعدها، والفرق بينهما بين لأن هذا غر الرجل الهابط في البئر بإمساكه أحد الحبلين اللذين تأمر بهما في البئر، فوجب عليه الضمان بتسريحه الحبل بما زعم من أنه خافه على نفسه والدية في هذا عليه في ماله ليس على العاقلة، لأن فيه شبهة من العمد، وأما صاحب المركب الذي ربط بمركبه المركب الذي كان في الغرق فلم يغره بما فعل، وإنما فعل ما فعل لله تعالى رجاء أن ينجيه من الغرق فلما خشي أن يذهب مركبه سرحه فلم يكن عليه شيء إذ لو لم يربطه بمركبه ابتداء لغرق كما غرق، فلم يضره ربطه بمركبه وبالله التوفيق.
[مسألة: يحمل ابنه في المركب ولم يستأذن أمه فيه فغرق]
مسألة وسئل عن عبد تزوج حرة فولدت غلاما وكبر حتى بلغ نحوا من عشر سنين أو قريبا منها وكان يسكن القلزم فركب البحر يريد الحجاز، فيحمل ابنه في المركب ولم يستأذن أمه فيه فغرق المركب فغرق الغلام ونجا أبوه فقامت أمه وأولياء أمه يتكلمون في ذلك ويريدون أخذ العبد فيما حمل ابنه في المركب.
فقال مالك: لا أرى عليه في ذلك شيئا.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، إذ لم يمت في البحر بجناية من أبيه عليه في ذلك، لأن الله تعالى قد أباح ركوبه بدليل قوله: