من رأى أنه لا يلزمه أن يردها وهو قول سحنون في أول رسم يتخذ الخرقة لفرجه من سماع ابن القاسم من هذا الكتاب، وروايته أيضا عن ابن القاسم في رسم سلف من سماع عيسى من كتاب النكاح، فوجه قوله أنها لما أذنت له أن يخرجها فقد أباحت له السكنى بها حيث أخرجها، فسؤالها إياه أن يردها رجوع منها عما أذنت له فيه، وقد قيل: إنه لا يكتفي بهذا الإذن المجمل ويلزمه أن يستأذنها كلما أخذ من مالها شيئا وإلا حنث، وذلك على القول بأن من حلف على امرأته ألا تخرج إلى موضع إلا بإذنه أنها قد تجتزي بأن يقول لها: اخرجي إلى حيث شئت فقد أذنت لك حتى تستأذنه في كل ما ينوبها من الخروج، وسيأتي القول على ذلك في رسم سلف إن شاء الله.
[مسألة: قال إن مات ابني وليست لك قبلي تباعة من هذا الدين فأنت طالق]
مسألة وعن رجل كانت له امرأة له منها ولد ولها عليه دين فلزمته بدينها فقال لها: إن مات ابني وليست لك قبلي تباعة من هذا الدين فأنت طالق.
قال ابن القاسم: لا أرى أن يقضيها ذلك الدين فإن شحت وطلبت حقها اقتضته وطلقت عليه ساعتئذ، قلت: فإن قضاها بعضه وبقي بعض فلا شيء عليه؟ قال: نعم.
قال محمد بن رشد: وهذا بين على ما قال؛ لأنها إن اقتضت منه دينها صارت بمنزلة من قال لامرأته: إنه مات ابني فأنت طالق يعجل عليه الطلاق، ولو قال: وليست لك علي تباعة ولم يقل من هذا الدين لم يعجل عليه الطلاق باقتضاء الدين وإن لم تكن لها عليه تباعة سواه، إذ قد يكون لها عليه تباعة يوم يموت فلا يكون مطلقا إلى أجل هو آت على كل حال، وتؤمر أن تداينه بما أمكن لئلا يموت الولد ولا تباعة لها عليه فيقع عليها الطلاق بموته وبالله التوفيق.