أنه لما كان الأصل في وجوب الفدية حلق الرأس في القرآن، والسنة حمله على عمومه في رأسه وفي رأس غيره، وقد رأى أصبغ قول مالك في هذه المسألة أفضل من قول ابن القاسم فيها: إنه يطعم شيئا من طعام، وقال سحنون: قول ابن القاسم أفضل.
[مسألة: دخل بعمرة فطاف وسعى ثم وطئ قبل أن يحلق]
مسألة وسئل عن رجل دخل بعمرة، فطاف وسعى، ثم وطئ قبل أن يحلق، قال: أرى أن يهدي هديا.
قال محمد بن رشد: هذا ما لا اختلاف فيه أحفظه في المذهب؛ لقول ابن عباس من نسي من نسكه شيئا، فليهرق دما.
[مسألة: يطوف بالبيت فيشك في طوافه]
ومن كتاب أوله شك في طوافه مسألة وسئل عن الرجل يطوف بالبيت، فيشك في طوافه، ورجلان معه فيقولان له: لقد أتممت طوافك، قال: أرجو أن يكون خفيفا.
قال محمد بن رشد: خفف مالك هذا في الطواف بخلاف قوله في الصلاة في إعادتها وغيرها، والقياس أنهما في ذلك سواء؛ لأنهما عبادتان مستويتان في أنهما موكولتان إلى أمانة العبد، فوجب أن يستويا في أنه يعمل فيهما على يقينه دون يقين من سواه، أو في أنه يجوز له أن يعمل فيهما على يقين من سواه، وقد روي ذلك عن أشهب، والقول الآخر أظهر، وقد مضى توجيههما في آخر أول رسم، من سماع ابن القاسم، من كتاب الصلاة، ووجه الفرق بينهما أن الحج له تعلق بالمال، وقد شبهه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالدين، فقال للخثعمية:«أرأيت لو كان على أبيك دين، أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى» ، فجاز أن تعمل فيه الشهادة كما تعمل في الدين،