ومن سماع أشهب وابن نافع عن مالك من كتاب الأقضية مسألة في شراء الثمار في الحوائط، وبيعها في المدينة، قال أشهب وابن نافع: قيل لمالك سئل الأمير عن منع هؤلاء الذين يشترون الثمار في الحوائط، ثم يدخلون بها المدينة يبيعونها على أيديهم، فأشار عليه بعضهم بمنعهم من ذلك، وأشار عليه بعضهم ألا يفعل، فقال مالك: بأي ذلك أخذ؟ فقال: بمنعهم، فقال مالك:«نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن تلقي السلع حتى يهبط بها الأسواق» ، فمن التلقي أن يذهب هؤلاء إلى أهل الحوائط، فيشترون منهم، ثم يأتون به هاهنا فهذا منه، «ونهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يبيع حاضر لباد» ؛ فمنه أن يذهب هذا الحاضر إلى هذا البادي، فيشتري منه، ثم يأتي فيبيع، أرى أن يمنعوا من ذلك، قيل له: أفترى من التلقي أن يخرج أهل المدينة إلى أهل الحوائط فيشترون منهم؟ قال: ما أشبههم به، قال أشهب: لا بأس به، وليس هذا بتلق، ولكنه اشترى من موضعه، وإنما التلقي أن يتلقى الجلاب قبل أن يهبط بذلك الأسواق كائنا ذلك الجلب ما كان، طعاما أو حيوانا أو غير ذلك من الأشياء كلها.
قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة والقول فيها في رسم شك في طوافه، من سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.