قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الشأن أن تؤخذ الصدقة من أغنياء كل موضع، فترد على فقرائهم، ولا ينقل عنهم إلى غيرهم، إلا أن يرى الإمام ذلك لحاجة نزلت ببعض البلاد، فلأمير كل إقليم قبض صدقات أهل إقليمه، دون من سواه من الأمراء، وقد سئل سحنون عن رجل له أربعون شاة في أربعة أقاليم، وفي كل إقليم أمير، عشرة بالأندلس، وعشرة بأفريقية، وعشرة بمصر، وعشرة بالعراق، قال: إن كان الولاة عدولا فليخبرهم بذلك، فيأخذ منه كل أمير ربع شاة يأتي بشاة يكون الإمام شريكا له بربعها، هكذا يفعل في كل إقليم، وإن أخذ منه كل أمير قيمة ربع شاة، أجزأه؛ وإن لم يكونوا عدولا، فليخرج هو ما يلزمه - كما أعلمتك، وكذلك إن كان له خمسة أوسق مفترقة - كما ذكرنا، فليعط كل أمير زكاته في بلده؛ وإن لم يكونوا عدولا، أخرج هو ما يلزمه عن جميع ذلك.
[مسألة: زكى غنما له فأقامت عنده ستة أشهر ثم اشترى بها إبلا]
مسألة وسئل عن رجل زكى غنما له، فأقامت عنده ستة أشهر، ثم اشترى بها إبلا؛ متى تجب الزكاة في الإبل، فقال: حتى يحول الحول عليها من يوم زكى الغنم الذي ابتاعها، فقال له: من يوم زكى الغنم؟ فقال: نعم في رأي.
قال محمد بن رشد: هذا خلاف ما في المدونة، ومثل ما حكى ابن حبيب في الواضحة عن مالك وأصحابه إلا ابن القاسم؛ وجه قول ابن القاسم أن شراء الماشية بالماشية المخالفة لها، كشرائها بالدنانير والدراهم في وجوب استئناف الحول بها، ووجه القول الآخر، أن الدنانير إذا كانت تزكى على حول الماشية من أجل أن الماشية في عينها الزكاة، فأحرى أن تزكى الماشية على حول الماشية المخالفة لها؛ لأن الماشية إلى الماشية أقرب من الدنانير