[مسألة: يملك امرأته أمرها فتقول قد قبلت لأنظر في أمري]
مسألة قال: وقال مالك في الرجل يملك امرأته أمرها فتقول: قد قبلت لأنظر في أمري، فيقول: ليس ذلك لك، أو يقول: فانظري، أو يقول: بعد قوله لها انظري الآن، وإلا فلا شيء لك، قال مالك: ذلك بيدها حتى يقفها السلطان، فتطلق أو تترك.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة كان يمضي لنا فيها عند من أدركنا من الشيوخ أنها مسألة صحيحة مبينة لما في المدونة من أن المملكة إذا قيدت القبول في المجلس، بأن تقول: قد قبلت لأنظر في أمري، أو قد قبلت أمري، وقالت: أردت بذلك قد قبلت أن أنظر فيما جعل إلي، أن ذلك بيدها حتى يقفها السلطان، على القول: بأنه ليس لها أن تقضي إلا في المجلس، وأن المسألة تخرج من الخلاف بتقييد القبول في المجلس، وليس ذلك بين؛ لأن المسألة إنما تخرج من الخلاف، ويكون لها أن تقضي ما لم يقفها السلطان، إذا قيدت القبول في المجلس بحضرة الزوج، فلم ينكر عليها ذلك؛ لأن سكوته على ذلك، كالإذن منه لها في ذلك، بمنزلة أن لو قال لها: أمرك بيدك، تنظرين لنفسك، وإن انقضى المجلس.
وأما إذا قالت: قبلت لأنظر في أمري، فرد عليها قولها، وقال لها: ليس ذلك لك، إما أن تقضي الآن، وإلا فلا شيء لك، كما قال في هذه الرواية، فالمسألة جارية على القولين، يسقط ما بيدها بانقضاء المجلس في القول الواحد، ولا يسقط في القول الثاني حتى يوقف؛ لأنه لما رد عليها قولها، بقي الأمر على حكم التمليك المبهم في دخول القولين فيه، والذي يبين هذا أنه لو قال لها: أمرك بيدك على أن تقضي في مجلسنا هذا أو تردي، لم يكن لها أن تقضي بعد انقضاء المجلس باتفاق، ولو قال لها: أمرك بيدك ولا عليك أن تعجلي بالقضاء في المجلس؛ لكان الأمر بيدها، وإن انقضى المجلس باتفاق، وإنما وقع الاختلاف إذا أبهم، فمرة رأى مالك مواجهته لها بالتمليك، كلاما يقتضي الجواب في المجلس، كالمبايعة. ولو قال رجل لرجل: قد بعتك سلعتي بعشرة دنانير إن شئت، فلم يقل أخذتها بذلك حتى انقضى المجلس،