وقد مضى القول على هذه المسألة هناك مستوفى، وذكرنا الاختلاف في وجوب الغرم عليها، وأنه جار على مجرد الغرور بالقول، هل يلزم به غرم أم لا؟ وبالله التوفيق.
[يكون بيده المسكن فيقيم رجل عليه بينة أنه مسكنه ويدعي هو أنه باعه منه]
ومن كتاب إن خرجت من هذه الدار وسئل عن الذي يكون بيده المسكن أو الأرض، فيقيم رجل عليه بينة أنه مسكنه أو أرضه، أو يقر له بذلك الذي هو بيده، ويدعي الذي هو بيده أنه باعه منه أو تصدق به عليه، أو وهبه، أو ما أشبه ذلك، ولا يأتي ببينة على شيء من دعواه.
قال ابن القاسم: القول قول الذي هو بيده؛ إذا كان قد حازه الزمان الذي يعلم في مثله أن قد هلكت البينة على البيع مع يمينه، وأما الصدقة والهبة والنزول، فإني أرى أن يحلف صاحب المنزل بالله الذي لا إله إلا هو ما وهب ولا تصدق، ولا أنزل، ولا كان ذلك منه إلا على وجه التماس الرفق به، فيرد إليه بعد أن يدفع إليه قيمة ما أحدث فيه نقضا إن أحب، وإن أبى أسلم إليه نقضه مقلوعا قال: وإن كان الذي الأرض أو المسكن في يديه ورثها عن أب هالك أو غيره، فالقول قوله مع يمينه، إلا أن يكون مدعيها غائبا طرأ، فيقيم البينة أنها له أو لجده، فيسأل الذي هي في يديه البينة، على اشتراء أو سماع، فيكون أولى به، وإن لم يأت بشيء من ذلك، قضى به للقادم؛ إذا أقام البينة أنها لأبيه أو لجده.
قال محمد بن رشد: دليل هذه الرواية، أنه لا حيازة بين الأجنبيين في العشرة الأعوام؛ إذا لم يكن هدم ولا بنيان؛ إذ لم يجعل القول قول الحائز فيما حازه إذا ادعى ابتياعه من الذي حازه عليه، إلا أن تطول المدة، إلى ما تهلك فيه البينات.