فأحب إلي أن يريه ثوبا يخيط عليه، إلا أن يكون صفة قد عرفها، فلا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه لا يجوز أن يستأجره على أن يخيط له صنفا من الثياب يسميه إذا كان الصنف يختلف فتكون خياطة بعضه أسهل من خياطة بعض؛ إذ لا بد في الاستئجار على الأعمال من وصف العمل أو عرف يقوم مقام الوصف، وإن أراه ثوبا يخيط عليه فهو أبلغ من الوصف وأتم، والدليل على أن العرف يقوم مقام الوصف؛ ظاهر قول الله تعالى:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ}[القصص: ٢٧] ، وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من استأجر أجيرا فليواجره بأجر معلوم إلى أجل مسمى» ، فذكر الأجرة والأجل وسكت عن وصف العمل؛ إذ قد يستغني عنه بالعرف المعهود فيه، وبالله التوفيق.
[يقول للرجل اعمل لي في هذا التراب لبنا بيني وبينك]
من سماع أشهب وابن نافع من مالك رواية سحنون من كتاب البيوع الأول قال سحنون: أخبرني أشهب وابن نافع قالا: سئل مالك عن الرجل يقول للرجل: اعمل لي في هذا التراب لبنا بيني وبينك، فقال: ما يعجبني ذلك. قال أشهب: رأيت السائل يسأله، وسمعت من مالك الجواب، ولم أفهم ما سأل السائل عنه؛ لأنه أخفى من صوته، فسألت عما سأل، فقيل لي عن هذا.