من كتاب القضاء العاشر قال أصبغ: وسئل ابن القاسم عمن اشترى سلعة، فادعى البائع أنه شرط الخيار حين باع، وادعى المشتري أنه شرط الخيار حين اشترى، قال: البيع بينهما ثابت لازم لهما، والخيار ساقط عنهما. قال أصبغ: ويحلفان جميعا، فإن حلفا جميعا أو نكلا جميعا فهو ذلك، فإن حلف واحد ونكل الآخر، فالقول قول الحالف مع يمينه، ولا أبالي بأيهما بدأ في الحكم باليمين، وأعجب إلي أن يبدأ المشتري هاهنا؛ لأنه كأنه أوكد في الدعوى، وكلاهما مدع، فإن حلف تم له الأخذ، وكان البائع بالخيار أن يحلف ويسقط، أو لا يحلف فيسلمه، كما لو تداعيا في الثمن، وكان البائع هو المدعى عليه أولا؛ لأن البيع قد ثبت ووجب له الأخذ، فهو يحلف ويتم له حتى يحلف صاحبه فيسقط، أو لا يحلف فيعطيه الثمن.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم البيع بنيهما ثابت لازم لهما، والخيار ساقط عنهما، معناه بعد يمين الذي أراد إمضاء البيع منهما أن الخيار كان له دون صاحبه؛ لأنهما إن اجتمعا على رد أو إجازة، فلا تنازع بينهما، ولا موضع لليمين، فإن اختلفا فأراد أحدهما إمضاء البيع، وأراد الآخر رده، فالذي أراد منهما إمضاء البيع مسقط لدعواه الخيار؛ إذ لا يريد الرد به،