والذي أراد رد البيع منهما متمسك بدعواه الخيار؛ لأنه يريد الرد به، فرجعت المسألة إلى أنها بمنزلة إذا ادعى أحدهما أن البيع بت، وقال الآخر: بل كان على أن الخيار لي. ومذهب ابن القاسم في ذلك أن القول قول مدعي البت؛ لأن الآخر يريد رد البيع بما يدعي من أن له فيه الخيار، فعليه يأتي قوله في رواية أصبغ هذه.
وروى أبو زيد بعد هذا في هذا الكتاب، ومثله في سماعه، من جامع البيوع: أن البيع ينتقض ولا يقبل دعوى البائع ولا المشتري، ومعناه أيضا بعد يمين الذي أراد الرد منهما أن الخيار كان له دون صاحبه؛ لأنهما إن اجتمعا أيضا على رد أو إجازة، فلا تنازع بينهما، وإن أراد أحدهما الرد، والآخر الإجازة، فقد رجعت المسألة إلى أنها بمنزلة إذا ادعى أحدهما أن البيع كان بيع بت، وقال الآخر: بل كان على أن لي الخيار حسبما بيناه، ومذهب أشهب في ذلك أن القول قول مدعي الخيار، فرواية أبي زيد هذه على قول أشهب في هذه المسألة، ورواية أصبغ وعيسى المتقدمة على قول ابن القاسم فيها، فهي أصلها.
وقول أصبغ: ويحلفان جميعا إنما معناه إذا لم تنقض أيام الخيار، وأراد كل واحد منهما أن يوجب لنفسه الرأي والنظر إلى انقضاء أيام الخيار دون صاحبه، فإن حلفا جميعا، أو نكلا جميعا سقط خيار كل واحد منهما، ولزمه البيع على مذهب ابن القاسم في المسألة التي ذكرنا أنها أصل هذه المسألة، وثبت الخيار لكل واحد منهما على مذهب أشهب فيها. ورواية أبي زيد في هذه المسألة أن البيع ينتقض حسبما بيناه، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر ثبت الخيار للحالف منهما دون صاحبه، وكان له الارتياء والنظر إلى انقضاء أيام الخيار.
وأما إذا انقضت أيام الخيار، فإنما يحلف أحدهما، إما الذي يريد إمضاء البيع على رواية أصبغ، وهي رواية عيسى المتقدمة؛ لأن الألف فيها وهم حسبما ذكرناه؛ وإما الذي يريد رده على رواية أبي زيد التي ذكرنا على أصل مذهب أشهب، فإن نكل