للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة: رجل من الموالي قال لرجل عربي أنا أقرب برسول الله عليه السلام منك]

مسألة وسئل مالك عن رجل من الموالي قال لرجل عربي، أنا خير منك أصلا وفصلا وأقرب برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منك، قال مالك: ما أرى من أمر بين، قيل له: أفترى عليه حدا حين قال: أنا أقرب برسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - منك؟ قال: ما أرى من أمر بين والعفو في ذلك أفضل.

قال محمد بن رشد: الأصل النسب، والفصل الحسب، فقوله أنا خير منك أصلا وفصلا بمنزلة قوله أنا خير منك نسبا وحسبا أو أنا أكرم نسبا وحسبا، والحسب قد يراد به النسب، وقد يراد به الدين، بدليل قول عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كرم المؤمن تقواه ودينه حسبه. الحديث، فإذا أفرد الرجل الحسب عن النسب فقال لصاحبه في سبه إياه: أنا خير منك أو أفضل منك أو أكرم منك حسبا، حمل قوله على النسب، وإذا جمعه معه فقال له: أنا خير منك وأفضل منك وأكرم منك حسبا ونسبا، حمل الحسب على الدين، فيتحصل في قول الرجل للرجل: أنا خير أو أفضل منك أو أكرم منك حسبا ونسبا أو أصلا ثلاثة أقوال، أحدها: قول مالك في هذه الرواية وغيرها إنه لا حد عليه؛ لأن ذلك لا يرجع عنده إلا إلى تفضيل العجم على العرب، إن كان القائل من العجم والمقول له من العرب لا إلى نفي المقول له عن نسبه لأن قول المولى للعربي: أنا خير منك بمنزلة قوله: العجم خير من العرب، هذا الذي ذهب إليه مالك، والثاني: إنه إن قال له: أنا أكرم منك أو أفضل منك أو خير منك نسبا، فعليه الحد إن كان قاله عربي لقرشي أو مولى لعربي أو لقرشي، وإن لم يقل نسبا وقال حسبا فعليه الأدب ولا حد عليه، وهو مذهب ابن أبي حازم والثالث: إنه إن قال له: أنا أكرم منك أو أفضل منك أو خير منك نسبا، فعليه الحد وإن لم يقل نسبا وقال حسبا فعليه الحد إلا أن يقول إنما أردت الدين فيحلف على ذلك ويسقط عنه الحد إذا كان يشبه أن يكون كذلك، وإن كان لا يشبه أن

<<  <  ج: ص:  >  >>