والثالث: أنهما يتخالفان ويتفاسخان، وإن قبض المشتري السلعة وفاتت بيده، ويرد قيمتها؛ وهو قول أشهب، وروايته عن مالك؛ ولا ينظر إلى قول الأشبه فيهما حيث يجب التحالف والتفاسخ، وقد قيل: إنه ينظر إلى قول الأشبه منهما في القيام، كما ينظر إليه في الفوات، وهو قول رابع في المسألة؛ وصفة أيمانهما إذا تخالفا أن يحلف البائع بالله ما باع سلعته بكذا وكذا، وليس عليه أن يزيد في يمينه: ولقد باعها بكذا وكذا؛ ولا أن يحلف بالله ما باع سلعته بكذا إلا أن يشاء، رجاء أن ينكل صاحبه عن اليمين، فلا يحتاج إلى يمين ثانية؛ لأنه إن حلف ما باع سلعته بكذا وكذا، فنكل المشتري عن اليمين، لم يكن له أن يأخذ ما ادعى أنه باع سلعته، حتى يحلف على ذلك؛ فإن حلف البائع بالله ما باع سلعته بكذا وكذا، أو ما باعها إلا بكذا، حلف المشتري بالله ما اشتريت السلعة بكذا؛ ولا معنى لأن يزيد في يمينه: ولقد اشتريتها بكذا، إذ قد حلف البائع على تكذيبه في ذلك؛ فإن حلفا جميعا، أو نكلا جميعا، ترادا البيع فيما بينهما؛ وإن نكل أحدهما وحلف الآخر، كان القول قول الحالف منهما، وقد مضى في رسم الصبرة من سماع يحيى زيادة في هذا المعنى، فلا وجه لإعادته.
[مسألة: شراء الدار وبها نخل]
مسألة وأخبرنا عن ابن وهب أيضا قال: أخبرني يزيد بن عياض، أنه بلغه أن مروان بن الحكم اشترى من إبراهيم بن نعيم النجام نخلا له كانت في دار مروان أو بعضها؛ فقال إبراهيم: إنما بعتك النخل، وقال مروان: إنما اشتريت النخل والبقعة، فاختلفا فجعلا بينهما ابن عمر، فقضى بينهما ابن عمر باليمين على إبراهيم بن نعيم، فنكل إبراهيم عن اليمين، فأسلم البيع لمروان.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة، أن البائع كان قد انتقد الثمن، ولذلك كان القول قوله؛ لأنه رأى النقد المقبوض فوتا،