قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو على المشهور في المذهب من أن الحالف ليفعلن فعلا ولا يضرب له أجلا، لا يحنث إلا بالموت، أو بفوات الفعل الذي حلف ليفعلنه بعد أن مضت من المدة ما كان يمكنه فيه فعله فلم يفعله، وقد مضى بيان هذا وذكر الاختلاف فيه في سماع أبي زيد من كتاب العتق، وفي غيره من المواضع، وبالله التوفيق.
[مسألة: قال لأربع جوار له كلما وطئت منكن واحدة فواحدة حرة]
مسألة وسئل سحنون عن رجل قال لأربع جوار له كلما وطئت منكن واحدة، فواحدة حرة؛ فوطئ واحدة، قال: يختار من الثلاثة واحدة للعتق، فإن لم يختر حتى وطئ أخرى، أعتق الباقيتين ولم يكن له خيار.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، أن له أن يختار واحدة من الثلاث البواقي إذا وطئ واحدة، ولا اختلاف في ذلك؛ وإنما يختلف إذا لم يختر شيئا حتى مات حسبما مضى من الاختلاف في ذلك، والكلام عليه في رسم باع شاة من سماع عيسى من كتاب العتق؛ وأما قوله: إنه إذا لم يختر حتى وطئ أخرى، فإنه يعتق الباقيتين ولا يكون له خيار، ففيه نظر؛ والصواب: أن يختار أيضا اثنتين من الثلاث، لأن التي وطئ أولا باقية لم تعتق؛ فإن لم يختر أيضا حتى وطئ أخرى، فههنا يعتق الثلاث كلهن، لأنه قد وجب عليه عتق ثلاث ولم يبق له سوى التي وطئ آخرا غير الثلاث؛ ووجه ما ذهب إليه، أنه لم ير لمن وطئ منهن حقا في العتق، فقال: إنه إذا وطئ واحدة، ثم وطئ أخرى، لم يبق ممن له حق في العتق إلا اثنان، فوجب أن