قال محمد بن أحمد: قوله أحب الوفاء بما جعل لله عليه من ذلك ليس على ظاهره من أن ذلك يستحب له أن يفعله فإن فعله أجر وأن لم يفعله لم يأثم، فهو تجاوز في العبارة لأن من نذر ما لله فيه طاعة فالإيفاء به عليه واجب، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» . وقولي: ولا أرى ذلك لازما له كالحنث معناه ولا أرى أن يحكم به عليه كما يحكم عليه بالحنث؛ لأن ذلك ليس بلازم له فيما بينه وبين خالقه كالحنث بل هو واجب عليه وألزم له فيما بينه وبين خالقه من الحنث؛ إذ لم يختلف أهل العلم في وجوب ما لله فيه طاعة بالنذر، واختلفوا في وجوب ذلك باليمين، وأشهب يرى أن يحكم بالعتق على من نذره على نفسه، وهو أظهر ووجه قول ابن القاسم أن الحكم عليه بالعتق لا وفاء له به؛ لأن الأعمال بالنيات فتركه عسى أن يفي أولا من أن يفوت عليه الوفاء فيحصل في إثم لا مخرج له منه، وبالله التوفيق.
[مسألة: حلف بالمشي إلى بيت الله]
ومن سماع سحنون وسؤاله ابن القاسم مسألة قال: وسئل ابن القاسم عن الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله يمشي ذراعا ويحفر ذراعا، قال: يمشي ولا هدي عليه في الحفر، ولا يحفر.
قال محمد بن أحمد: أما المشي فلا اختلاف في وجوبه عليه بالنذر لأنه طاعة لله، وقوله: إن الحفر لا هدي فيه عليه صحيح على ما مضى في رسم المحرم من سماع ابن القاسم، وفي ذلك اختلاف قد ذكرناه هناك فلا معنى لإعادته.