قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أن جرح الرجل له وضرب الدابة إياه كان في فور واحد ومات لحينه، فحمل أمره على أنه مات من الأمرين جميعا لاحتمال موته من كل واحد منهما احتمالا واحدا، لا يمكن أن يغلب أحدهما على صاحبه، ولابن القاسم في المجموعة أن في ذلك القسامة، قال: وهو كمرض المجروح بعد الجرح، يريد أن أولياء الميت يقسمون لمات من جرح الرجل إياه ويستوجبون جميع ديته على العاقلة إن كان الجرح خطأ أو الاستفادة منه إن كان الجرح عمدا، فإن لم يقسموا على هذا القول لم يكن لهم شيء.
قال: ومن شج موضحة فتراخى به برؤه حمى سقط عليه جدار فقتله أو قتل إن له نصف عقل الموضحة وذلك عندي من أجل أنه لا يدري لعله إنما مات من الموضحة ولو جرحه أولا ثم ضربته ذلك فلم يدر من أي الأمرين مات لكانت في ذلك القسامة والدية في الخطأ أو القصاص في العمد قولا واحدا؛ لأن الظاهر أنه مات من الأمر الآخر بمنزلة إذا جرح ثم مرض فمات وبالله التوفيق.
[مسألة: الرجل يجرح ثم يمرض فيموت]
مسألة قال وفي كتاب الصلح في الرجل يجرح ثم يمرض فيموت إن فيه القسامة.
قال محمد بن رشد: الدية على العاقلة في الخطأ، والقصاص في العمد، وهذا ما لا اختلاف فيه، لأنه لوحيي بعد الجرح حياة بينة ثم مات من غير أن يمرض لكان هذا هو الحكم فيه فكيف إذا مرض؟ وهذا إذا أثبت الجرح بشهادة شاهدين، وصفة اليمين في هذا أن يحلفوا لمات من الجرح الذي أصابه به لا من المرض الذي دخل عليه بعد ذلك، وسيأتي في أول نوازل سحنون الاختلاف ما إذا لم يشهد على الجرح إلا شاهد واحد ونتكلم على معناه - إن شاء الله -.