[مسألة: يكون له الزرع قد طاب وحل بيعه يأتيه الرجل فيقول له احصده لي وادرسه على النصف]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يكون له الزرع قد طاب وحل بيعه، يأتيه الرجل فيقول له: احصده لي وادرسه على النصف، قال: لا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: هذا خلاف ما في الجعل والإجارة من المدونة، وفي رسم يشتري الدور والمزارع، من سماع يحيى بعد هذا، من أنه لا يجوز أن يقول الرجل للرجل: احصد زرعي هذا، وادرسه واذره، ولك نصفه، وإنما يجوز إذا قال له: احصده ولك نصفه، وعلى رواية أشهب هذه يأتي ما ذهب إليه أصبغ في آخر رسم البيع والصرف من سماعه، من كتاب جامع البيوع، وقد تكلمنا على ذلك هنالك.
وقد ذهب ابن لبابة إلى أن الخلاف إنما هو إذا قال له: احصده وادرسه ولك نصفه، وأنه لا خلاف إذا قال له: احصده وادرسه واذره، في أن ذلك لا يجوز، كما أنه لا خلاف إذا قال له: احصد ولك نصفه، في أن ذلك جائز، وليس ذلك بصحيح، لا فرق بين أن يشترط عليه الذر مع الدرس، أو لا يشرط عليه معه، والجواز في ذلك أظهر؛ لأن نصف الزرع يجب له بعقد الإجارة بعمل النصف الآخر، فسواء كان الحصاد وحده، أو الحصاد والدرس، أو الحصاد والدرس والذرو؛ لأن ذلك كله معلوم، لو استأجر عليه بالدنانير والدراهم لجاز، فكذلك إذا استأجر عليه بنصف الزرع.
فإن قيل: إنه إذا اشترط عليه الدرس والذرو صار كأنه استأجره بما يخرج منه، وذلك غرر. قيل له: لا يلزم هذا؛ إذ لو لزم لما جاز، وإن لم يشترط عليه إلا الحصاد وحده؛ إذ قد علم أنه لا يأخذ أجرته إلا حبا؛ إذ لا يصح قسمة الزرع محصودا حتى يدرس ويذرى ويصفى، وهذا لو وعى، ويتبع لما جاز بيع نصف الزرع بالدنانير والدراهم؛ إذ قد علم أنه لا يأخذه إلا حبا بعد التصفية، ولكنه جاز ذلك؛ لأنه بنفس الشراء يجعلان فيه شريكين كما لو