من سماع أصبغ بن الفرج من ابن القاسم من كتاب القضاء قال أصبغ وسمعته في الذي يسرق حريسة الجبل فينضيها وتهزل عنده: إن صاحبها إن أحب أن يُضَمِّنَه إياها يوم أخذها فذلك له، وإلا فليس له إلا دابته يأخذها، قال: وأما السارق إذا أصابها ذلك عنده وقد سرقها غير حريسة فإنه يقطع، فإن كان له مال فإن شاء صاحبها أخذها وإن شاء ضمنه القيمة أيضا، وإن لم يكن له مال فليس له إلا دابته ولا يتبع بشيء ولا يلزمه القيمة وإن كان نقصها من قبله وعمله؛ لأنه لو سرق ثيابا فلبسها فأبلاها أو طعاما فأكله ثم قطع فيه ولم يكن له مال لم يتبع بشيء، قال أصبغ: والأولى في الحريسة إن لم يكن له مال يتبع به؛ لأنه لا يقطع فيه فهي خيانة وله تفسير.
قال محمد بن رشد: قوله في حريسة الجبل إذا أنضاها فهزلت عنده إنه بالخيار بين أن يضمنه قيمتها يوم أخذها أو يأخذها ولا شيء له صحيح على ما قاله؛ لأن حريسة الجبل لا قطع فيها، فحكم السارق لها حكم الغاصب في اليسر والعدم، وكذلك سارق غير الحريسة إذا لم يقطع لمعنى درئ عنه به القطع، فقول أصبغ في سارق الحريسة: إن لم يكن له مال يتبع به؛ لأنه لا يقطع فيه تفسير لقول ابن القاسم، وأما قوله: إنها خيانة وله تفسير، فالتفسير الذي أراد أن نقصانها بالهزال عنده يفترق على ما ذهب ابن القاسم بين أن يكون هذا هزلها بعد أن سرقها أو حدث بها الهزال عنده من غير فعله، فإن كان حدث بها الهزال عنده من غير فعله فربها مخير بين أن يضمنه قيمتها يوم سرقها أو يأخذها مهزولة كما هي، وإن كان هو أهزلها فربها مخير بين أن يضمنه قيمتها يوم سرقها وبين أن يأخذها وما نقص الهزال منها، وسحنون