قال محمد بن رشد: ليس إسقاط شهادته في هذا ببين، وكان الأظهر أن تجوز شهادته عليه إذا شك عليه أنه قد حنث؛ لأن وقوع الطلاق عليه لا يدعوه إلى أن يعجل له حقه، وإنما يدعوه إلى ذلك اليمين بالطلاق ليقضينه إلى أجل مخافة أن يقع عليه الطلاق إن لم يقضه قبل الأجل، لكنه لما كان لو شهد عليه بذلك قبل أن يحنث والحق عليه لم يدفعه لم تجز شهادته، لاتهامه أن يكون إنما شهد عليه ليعجل له القضاء فلا يحنث، لم تجز شهادته عليه إذا شهد عليه أنه قد حنث، لاحتمال أن يكون قد ادعى ذلك عليه قبل الحنث فأراد أن يحقق دعواه عليه قبل الحنث بشهادته عليه بعد الحنث، وهو ضعيف، والله الموفق.
[مسألة: شهادة الصبيان المماليك بعضهم على بعض في الجراح]
مسألة وسئل: عن شهادة الصبيان المماليك، وشهادة الصبيان الجواري بعضهم على بعض في الجراح، أتجوز شهادتهم فيما بينهم كما تجوز شهادة الصبيان الأحرار بعضهم على بعض في الجراح فيما بينهم؟ فقال: لا تجوز شهادة بعضهم على بعض، ولا الصبيان من الجواري، ولا تجوز إلا شهادة الغلمان الأحرار بعضهم على بعض.
قال محمد بن رشد: أما الصبيان المماليك فلا أحفظ في المذهب اختلافا في أن شهادتهم لا تجوز، وكذلك الصبيان من أهل الذمة، وإنما تجوز شهادة الغلمان الأحرار من المسلمين.
قيل: في الجراح دون القتل، وهو دليل هذه الرواية، وقول غير واحد من كبار أصحاب مالك في المدونة.
وقيل: في الجراح والقتل وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة، ولا يجوز على مذهبه وروايته عن مالك في ذلك