{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}[التوبة: ١٠٨] ، يريد الأنصار بما روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لما نزلت:"يا معشر الأنصار، إن الله قد أثنى عليكم خيرا في الطهور فما طهوركم، قالوا: نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، ونستنجي بالماء» ، وفي بعض الآثار:«ونستنجي بالأحجار ثم بالماء، فقال: هو ذاك فعليكموه» . وهذا لا دليل فيه أيضا؛ لأن أولئك الرجال قد كانوا في مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنه كان معمورا بالمهاجرين والأنصار ومن سواهم من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فصح ما ذهب إليه مالك من أن المسجد الذي ذكر الله تعالى أنه أسس على التقوى هو مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا ما سواه من المساجد، واستدلال مالك لمذهبه بقول عمر لم يستجز نقض أسسه وتبديل قبلته إلا بما سمع من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك ورآه قد أراد أن يفعله، وبالله التوفيق.
[مسألة: الاعتماد على اليدين في القيام من الصلاة]
مسألة قال: وسألته عن الاعتماد على اليدين في القيام من الصلاة، فقال لي: لا بأس بذلك وكيف يصنع غير هذا؟ فقلت له: ربما قام الرجل ولا يعتمد، فقال: هذا مصارع يقول: هاتوا من يضع جنبي، ما يطيق هذا إلا الشباب الخفيف اللحم، فقلت: فالاعتماد أحب إليك؟ قال: ذلك صلاة الناس، وأما ذلك الوثوب فلا أدري ما هو.
قال محمد بن رشد: قد مضى القول في هذه المسألة مستوفى في رسم "باع غلاما" من سماع ابن القاسم، فلا وجه لإعادته.