هذا ويأتونه أولئك من هناك؟ وقال الله تعالى:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}[الجمعة: ١١] ، فإنما هو مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد قال عمر بن الخطاب:«لولا أني رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو سمعته، يريد أن يقدم القبلة، وقال عمر ذلك بيده هكذا ما قدمتها» ، ثم قدمها عمر موضع المقصورة الآن، فلما كان عثمان قدمها إلى موضعها التي هي الآن به، ثم لم تحول بعد.
قال محمد بن رشد: هذا الذي ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - من أن المسجد الذي ذكر الله تعالى أنه أسس على التقوى هو مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، روي عن أبي سعيد الخدري «أن رجلا من بني خدرة ورجلا من بني عمرو بن عوف امتريا في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال العوفي: هو مسجدنا بقباء، وقال الخدري: هو مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فخرجا فأتيا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسألاه عن ذلك، فقال: "هو هذا المسجد» مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي ذلك خير كثير، وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أنه مسجد قباء مسجد سعد بن خيثمة، واستدلوا على ذلك ببنيان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إياه، روي عن عائشة أنها قالت:«أول من حمل حجرا لقبلة مسجد قباء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم حمل أبو بكر آخر، ثم حمل عمر آخر، ثم حمل عثمان آخر، فقلت: يا رسول الله ألا ترى هؤلاء يتبعونك؟ فقال: أما إنهم أمراء الخلافة بعدي» . وهذا لا دليل فيه؛ لأنه بنى مسجده أيضا، فلم يختص بنيان مسجد قباء برسول الله- عَلَيْهِ السَّلَامُ - دون مسجده، واستدلوا أيضا بقول الله تعالى: