أن الشهود لو عوقبوا بالرجوع عن شهادتهم لم يرجع أحد عن شهادة شهد بها على باطل بين، وأما قياسه ذلك على المرتدين فليس بصحيح؛ لأن المرتد إنما سقطت عنه العقوبة بالآية المذكورة، لا من أجل أن معاقبته لو عوقب لم يجترئ أحد على الرجوع إلى الإسلام خوفا من العقوبة؛ لأن القتل يجب عليه بالتمادي على الكفر، فهو أشد من العقوبة التي يخشاها إن رجع إلى الإسلام، فلا تشتبه المسألتان، ولا يصلح قياس إحداهما على الأخرى.
[مسألة: المرتد إلى الإسلام هل له حد يترك إليه]
مسألة وسئل عن المرتد إلى الإسلام هل له حد يترك إليه؟ فقال: إنه ليقال ثلاثة أيام، وأرى ذلك حسنا، وإنه ليعجبني، ولا يأتي من الاستظهار الأخير، وسئل عن قول عمر بن الخطاب: أفلا حبستموه ثلاثا، وأطعمتموه كل يوم رغيفا، هل ترى أن يتربص بالذي يكفر بعد إسلامه كذلك أو يستتاب ساعتئذ؟ قال: ما أرى بهذا بأسا، وليس على هذا أمر جماعة الناس.
قال محمد بن رشد: قوله: وليس على هذا أمر جماعة الناس، يريد في الإيقاف ثلاثا، قاله ابن أبي زيد في النوادر متصلا بقوله، هذا الظاهر من الرواية، ويحتمل أن يريد أنه ليس أمر جماعة الناس على استتابة المرتد، إذ من أهل العلم من يرى أنه يقتل ولا يستتاب على ظاهر قول النبي عليه السلام:«من بدل دينه فاقتلوه» وهو قول عبد العزيز بن أبي سلمة في رسم الصلاة من سماع يحيى بعد هذا، واحتج بما روي من أن أبا موسى الأشعري وقف على معاذ بن جبل وأمامه مسلم تهود، فقال له معاذ: انزل يا أبا موسى، فقال: لا والله لا نزلت حتى يقتل هذا، فقال: فلو رأى عليه استتابة ما قاله،