قال محمد بن رشد: هذه الرواية عن مالك خلاف رواية ابن القاسم عنه في رسم "سن": أنه لا يجوز له أن يصلي المكتوبة على المحمل- أصلا، وخلاف رواية أشهب عنه في آخر رسم "الصلاة" الثاني، أنه يجوز له أن يصلي المكتوبة على المحمل- إذا لم يقدر على السجود- وإن قدر على الجلوس، فهي ثلاثة أقوال، وقد مضى بيان ذلك في رسم "سن" المذكور.
[مسألة: المسافر يريد مسيرة أربعة برد فإذا صار عشرين ميلا أجمع إقامة أربع ليال]
مسألة قال: وسألته عن المسافر يريد مسيرة أربعة برد، فإذا صار عشرين ميلا، أجمع إقامة أربع ليال، فأتم الصلاة، ثم يخرج ماضيا إلى تمام سفره، أيقصر الصلاة أم لا؟ فقال: كل من أجمع إقامة أربع ليال فأتم الصلاة ثم خرج لإتمام سفره، فإنه لا يقصر الصلاة، إلا أن يكون فيما بقي من سفره مسيرة أربعة برد فصاعدا، وهذا يعد بإقامته الأربع ليال التي وجب بهن عليه الإتمام، كمبتدئ السفر من أوله؛ قلت لسحنون: فلو نواه أن يسير يوما ويقيم أربعة أيام، قال: يقصر كلما سار، ويتم كلما أقام؛ وإنما ينظر إلى نيته في منتهى سفره، فإذا كان ما يقصر في مثله الصلاة، فعليه الإقصار في مسيره والإتمام في مقامه إذا نوى مقام أربعة أيام.
قال محمد بن رشد: لا فرق بين المسألتين، فقول سحنون خلاف لقول ابن القاسم: ينظر إلى ما بقي من سفره بعد الإقامة في المسألتين جميعا، فلا يقصر فيهما إلا إن كان بقي من سفره ما تقصر في مثله الصلاة، وسحنون ينظر إلى نيته في ابتداء سفره، فإن كان ذلك ما يجب فيه قصر الصلاة، قصر في مسيرة ذلك، وإن تخلله إقامة أربعة أيام، نوى الإقامة من أول سفره أو لم ينوها- وبالله التوفيق.