أرى أن يقاتلوا ولا يدعوا؛ لأن الدعوة لا تزيد إلا شدة واستئسادا وجرأة، فلا يرى أن يدعوا، ويقاتلوا بلا دعوة.
قال محمد بن رشد: تكلم سحنون على ما يعرف من غالب أمرهم، وتكلم مالك على قدر ما يرجى في النادر منهم، وذلك يرجع إلى أنه إن رجي إن دعوا أو نشدوا أن يكفوا استحب دعاؤهم وترك معاجلتهم بالقتال، وإن تيقن ذلك وجب أن يدعوا، وإن خيف إن دعوا أن يستأسدوا ويعالجوا المسلمين، وجب أن لا يدعوا كما قال سحنون، وأما دعاء أهل الحرب قبل القتال فقد مضى القول فيه مستوفى في أول نوازل أصبغ من كتاب الجهاد، وبالله التوفيق.
[: المراد بالمحارب وحكمه]
ومن كتاب سن في الطلاق
قال مالك: أما المحارب فرجل حمل على قوم بالسلاح على غير نائرة، ولا دخل ولا عداوة، أو قطع طريقا، أو أخاف المسلمين، فهذا إذا أخذ قتل ولا ينتظر به، والإمام يلي قتله، ولا يجوز فيه عفو، وأما المغتال فرجل عرض لرجل أو صبي فخدعه حتى أدخله بيتا فقتله، ثم أخذ متاعه ومالا، إن كان معه المال، إنما يقتله على ذلك، فهذه الغيلة، وهو يعد بمنزلة المحارب، وأما ذو النائرة والعداوة فرجل دخل عليه رجل في حريمه مكابرا له حتى جرحه أو قتله أو ضربه، ثم خرج مكانه ولم ينتهب متاعا، إنما كان ضربه إياه لنائرة كانت بينهما، فهذه النائرة لا يشك فيها أحد، فإذا أخذ هذا فعليه القصاص، والعفو يجوز فيه من أولياء المقتول، فإن عفوا جلد مائة وحبس عاما.