للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الشعر والشعراء]

في الشعر والشعراء وسئل مالك عن إنشاد الشعر، قال: يخفف ولا يكثر، ومن عيبه أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩] . قال مالك: وقد بلغني أن عمر كتب إلى أبي موسى الأشعري أن اجمع الشعراء واسألهم عن الشعر، وهل بقي معهم معرفته، وأحضر لبيدا لذلك. قال فجمعهم فسألهم فقالوا: إنا لنعرفه ونقوله، وسأل لبيدا عنه فقال: ما قلت بيت شعر منذ سمعت الله عز وجل يقول في كتابه العزيز: {الم} [البقرة: ١] {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: ٢] .

قال محمد بن رشد: الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، والإكثار منه والاشتغال به مذموم. وكفى من ذمه قول الله عز وجل: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: ٢٢٤] أي الشياطين الذين يغوونهم ويزينون لهم المكروه من القول، {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} [الشعراء: ٢٢٥] أي من القول يهيمون، {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} [الشعراء: ٢٢٦] يمدحون ويذمون ويصفون ما تميل إليه أهواؤهم فيغلون. وقد «قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الثرثارين إنهم أبغض الخلق إلى الله» لما في البلاغة والتفيهق من تصوير الباطل في صورة الحق. ولهذا المعنى «قال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذ مدح عمرو بن الأهتم الزبرقان بن بدر ثم ذمه في مجلس واحد بكلام بليغ استمال به النفوس وقال: أرضاني فقلت: أحسن ما علمت، وأسخطني فقلت: أسوأ ما علمت، ولقد

<<  <  ج: ص:  >  >>