قال محمد بن أحمد: وهذا كما قال؛ لأنه إنما حلف ألا يضع عن المبتاع من حقه الواجب له عليه شيئا، وذلك ما لا يصح أن يحكم به عليه، فوضيعة السلطان عنه لمكان العيب إنما هو حكم له بإسقاط ما لا يلزمه، وذلك ما لم يحلف عليه البائع، ولو سأله المبتاع ذلك، فحلف عليه فرفعه المبتاع إلى الحكم، فحكم عليه به يجري ذلك على الاختلاف الذي ذكرناه في رسم تسلف في المبتاع والحيوان، وبالله التوفيق.
[مسألة: حلف ألا تواكله امرأته في صحفة واحدة فجاءته برطب في طبق فأكلت]
ومن كتاب البز مسألة وسئل مالك عن رجل حلف ألا تواكله امرأته في صحفة واحدة شهرا، فجاءته برطب في طبق، فإذا فيه بضعة لحم، فقال لها: ما هذه البضعة؟ قالت: إن الخادم وضعتها، والمرأة لا تأكل معه، وكان الرجل يأكل في طبق رطبا، وهي لا تأكل معه، فتناولت المرأة البضعة لتأكلها، فأخذها من يدها، فقال: قد حلفت ألا تأكل معي في صحفة، ثم أمسكها في يده، ووامر نفسه ثم قال: إنما قلت: في صحفة فناولها إياها فأكلتها، قال مالك: أخاف عليه الحنث، وكان طلاقه إياها واحدة، فأمره أن يطلقها واحدة ثم يرتجعها، قال: فقلت له: الطبق والصحفة واحد؟ من حلف ألا يأكل في صحفة، فأكل في طبق حنث؟ قال: نعم، وهو واحد.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة على الأصل في أن الأيمان إنما ينظر فيها إلى معانيها، لا إلى مجرد ألفاظها كما يقول أهل العراق؛ لأن الحالف ألا تواكله امرأته في صحفة إنما معناه ألا تواكله في إناء واحد،