هذين الجمعين، وأخبر بحالهما، ثم قال يا سارية الجبل الجبل، ثم أقبل عليهم وقال: إن لله جنودا، ولعل بعضهم أن يبلغهم، ولما كانت تلك الساعة من ذلك اليوم أجمع سارية والمسلمون على الاستناد إلى الجبل، ففعلوا وقاتلوا القوم من وجه واحد، فهزمهم الله فكتبوا بذلك وباستيلائهم على البلد إلى عمر، فنفذ الرسول عن عمر لأمره الذي أمره به فيما غنموه، وقد سألوه أهل المدينة عن سارية وعن الفتح وهل سمعوا شيئا يوم الوقعة؟ فقال: نعم، سمعنا: يا سارية الجبل، وقد كدنا نهلك فألجأنا إليه، ففتح الله علينا.
ومن ذلك قوله: أدرك أهلك فقد احترقوا، وكان كما قال للذي سأله ما اسمك؟ فقال: جمرة، قال: ابن من؟ قال: ابن شهاب، قال: أين مسكنك؟ قال: بحرة النار؟ قال: بأيتها؟ قال: بذات لظى.
وقد قيل إن قوله أدرك أهلك فقد احترقوا، من معنى ما روي عن ابن مسعود أنه قال: لا أقول لا أعبد هذا العود، إن البلاء موكل بالقول.
[ما جاء عن عمر بن الخطاب في أن القبلة ما بين المشرق والمغرب]
فيما جاء عن عمر بن الخطاب في أن
القبلة ما بين المشرق والمغرب وفيه أيضا عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجه قبل البيت.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا أن القبلة إنما تتحرى فيما بين المشرق والمغرب، لا في المشرق ولا في المغرب، بدليل قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يستقبلن أحدكم القبلة لبول ولا لغائط، ولكن شرقوا أو غربوا» ، وإنما خوطب بهذا أهل المدينة، إذ تكون القبلة فيما بين