وبين رجل فيها منازعة: إنك لا تحرثها أبدا إلا أن تغلبني عليها، ثم إن الأرض طرقها، فحرثها ليلا، فهل تراه حانثا؟
قال: لا، ولكن يدين ويحلف بالله أنه ما أراد بيمينه إلا أن يمنعه إذا أراد الحرث، فإنه لا يدعه إلا أن يغلبه عليها، فإن حلف لم يكن عليه شيء، قال ابن القاسم: هو حانث، ولا ينوى في ذلك إلا أن يؤخذ فيربط، ويحرث ويحبس، فلا يكون عليه شيء.
قال محمد بن رشد: طروقه بالأرض وحرثه إياها ليلا بغير علمه مقافصة له فيها، مغالبة له عليها، وهو لم يستثن في يمينه إلا المغالبة، فوجب أن يكون حنث بظاهر يمينه، إلا أن يكون نوى أنك لا تحرثها بعلمي إلا أن تغلبني عليها، فالاختلاف بين ابن كنانة وابن القاسم إنما هو هل يصدق في نيته مع قيام البينة عليه باليمين أم لا؟
فقال ابن كنانة: إنه يصدق في قوله مع يمينه، وقال ابن القاسم: هو حانث، ولا ينوى في ذلك؛ يريد مع قيام البينة عليه باليمين، وذلك صحيح على أصولهم في أن من ادعى نية مخالفة ليمينه لا تقبل منه، ولا يصدق فيها إلا أن يأتي مستفتيا مثل أن يقول: امرأتي طالق إن كلمت فلانا، أو اشتريت ثوبا، فيكلمه ويقول: نويت شهرا، أو يشتري ثوبا ويقول: نويت شيئا، وقول ابن القاسم: هو حانث، ولا ينوى في ذلك، إلا أن يؤخذ فيربط، ويحرث ويحبس، فلا يكون عليه شيء ليس على ظاهره؛ لأن فيه تقديما وتأخيرا وتقديره، قال: لا ينوى في ذلك، وهو حانث، إلا أن يؤخذ فيربط، ويحبس وتحرث، فلا يكون عليه شيء.
[مسألة: حلف لامرأته أنت طالق إن لم أتسرر عليك فاشترى جارية فوطئها وعزل عنها]
مسألة وقال فيمن حلف لامرأته: أنت طالق إن لم أتسرر عليك، فاشترى جارية فوطئها وعزل عنها، هل تخرجه ذلك من يمينه؟
قال: إذا تسررها فوطئها فلا شيء عليه، يريد بالوطء مرارا،