ومن كتاب يوصي لمكاتبه بوضع نجم من نجومه وسئل: عن رجل اكترى منازل سنة، وفي المنازل علو ليس له سلم، فقال لصاحب المنازل اجعل للعلي سلما فإنا لا نخلص إليه فتوانى فيه فلم يجعل له سلما ولم ينتفع به المتكاري حتى انقضت السنة، قال: ينظر إلى ما يصيب ذلك العلو من الكراء، فيطرح عن المتكاري.
قال محمد بن رشد: إنما قال إنه إذا لم يجعل المكري للمكتري سلما يخلص به إلى الانتفاع بالعلو حتى انقضت السنة أنه لا كراء عليه فيه؛ لأنه باع منه جميع منافع الدار، فعليه أن يسلمها إليه، وإسلامه للعلو هو بأن يجعل له سلما يرقى عليه، والكراء في هذا بخلاف الشراء، لو باع منه الدار، وفيها علو لا يرتقى إليه إلا بسلم لم يكن عليه أن يجعل له سلما يرتقي عليه، كما لا يلزمه أن يجعل له دلوا وحبلا يصل به إلى ماء البير؛ لأن ما باع منه قد أسلمه إليه فهو إن شاء أسكنه وإن شاء هدمه وإن شاء باعه وفعل به ما يفعله ذو الملك في ملكه، لا يمنعه من التصرف فيه بما شاء من هذه الوجوه كونها دون سلم.
وقد ذهب ابن العطار في وثائقه قياسا على هذه المسألة إلى أن من باع دارا لها علو وفيها سلم ينقل من موضع إلى موضع أنه للمشتري وإن لم يشترطه، وليس قوله بصحيح، بل لا يكون للمشتري إلا أن يكون سلما من خشب في هيئة الدرج متخذا لذلك العلو، ولو صح قياس الشراء على الكراء لوجب أن يكون على البائع أن يأتيه بسلم للعلو من الدار وإن لم يكن في الدار سلم يوم البيع، وهذا ما لم يقله ابن العطار، فما أصاب في قوله ولا في قياسه، ولا يلزم في الكراء أن يأتيه بدلو وحبل لاستقاء الماء من البير، كما يلزمه أن يأتيه بسلم