أن يسكن بجميع الكراء أو يخرج، فإن أراد أن يسكن على أن يحط عنه ما ينوب ما انهدم من الكراء لم يكن ذلك له إلا أن يرضى بذلك رب الدار فإن رضي بذلك رب الدار جرى جوازه على الاختلاف في جمع الرجلين سلعتهما في البيع، وإن بنى المكري الدار قبل أن يخرج المكتري منها لزمه الكراء ولم يكن له أن يخرج، وإن بناها بعد أن خرج لم يكن عليه الرجوع إليها إلا أن يشاء، وإن سكت وسكن الدار مهدومة لزمه جميع الكراء.
هذا الذي يأتي على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة.
فقوله في هذه الرواية إنه يكون لصاحب الدار كراء العرصة فيما بعد الهدم خلاف مذهبه في المدونة.
وأما قوله وليس للمتكاري إلا نقض بنيانه إلى آخر قوله فهو صحيح على مذهبه.
والهدم في الدار المكتراة ينقسم على قسمين: أحدهما: أن يكون يسيرا، والثاني: أن يكون كثيرا، واليسير على ثلاثة أقسام: يسير لا مضرة فيه على الساكن ولا ينقص من كراء الدار شيئا، ويسير لا مضرة فيه على الساكن، إلا أنه ينقص من قيمة كراء الدار، ويسير فيه مضرة على الساكن إلا أنه لا يبطل من منافع الدار شيئا.
والكثير على ثلاثة أقسام أيضا: كثير يعيب السكنى وينقص من قيمة الكراء، ولا يبطل من المنافع شيئا، وكثير يبطل اليسير من منافع الدار كالبيت ينهدم منها وهي ذات بيوت، وكثير يذهب أكثر منافعها أو منفعة البيت الذي هو وجهها أو يكشفها بانهدام حائطها، أو ما أشبه ذلك، وقد ذكرنا حكم هذا الوجه، وأما حكم سائر الأقسام فلها موضع غير هذا تذكر فيه، وبالله التوفيق.