للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: معنى قول عمر هذا أنه أشقق من الاشتغال بأمور المسلمين عن التفقه، وخشي التقصير فيما اشتغل فيه من ذلك فاستغفر الله عز وجل منه. ومعنى قوله أستغفر الله لذنبي العظيم، أستغفر الله العظيم لذنبي، لأن الكلام فيه تقديم وتأخير. وقد مضت هذه الحكاية في صدر سماع أشهب، وبالله التوفيق.

[كراهة كثرة الكلام]

في كراهة كثرة الكلام قال وقال مالك: دخل رجل منا، يعني أهل العلم، على رجل من أهل الأدب، يعني الملوك، فلما خرج من عنده قيل له: كيف رأيت فلانا؟ قال: أما لولا أنه يأتي بكلام سنة في ساعة. قال مالك: ليس كثرة الكلام إلا في النساء والخدم. قال ابن القاسم: قعد أعرابي في مجلس ربيعة، فتكلم ربيعة وأكثر، فكأنه وصله بشيء، فقال للأعرابي: ما تعدون البلاغة؟ قال الأعرابي: قلة الكلام. قال: فما تعدون فيه العي؟ قال: ما كنت فيه منذ اليوم.

قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله، إن البلاغة والفصاحة إنما هي في قلة الكلام مع إدراك الصواب به واستيفاء المعاني فيه. ومن عي الرجل ألا يقدر على أن يعبر عما في نفسه بكلام وجيز حتى يأتي فيه بكلام طويل يكون فيه ما يستغنى عنه [فقد يخفى الصواب في خلاله على السامع له، فمن العي أن يأتي بكلام كثير فيما يستغنى عنه] باليسير. ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>