للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: قد حكى ابن حبيب خلاف هذا عن ابن القاسم أنه لا يبر إلا بأن يهجرها شهرا، ولو قال إن لم أطل هجرانك لبر على القول الأول بالشهر، وهو قول ابن الماجشون، وعلى القول الثاني لا يبر إلا بأن يهجرها سنة، ولو قال أن أهجرك حينا أو زمانا لبر بالسنة واختلف في الدهر، فقيل فيه السنة، وقيل أكثر من السنة، روي ذلك عن مالك، وقال مطرف السنتان في الدهر قليل وبالله التوفيق.

[مسألة: يقول لامرأته أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة]

مسألة وقال عن مالك في الرجل يقول لامرأته أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة إنها طالق ساعتئذ، قال ابن القاسم: وإن لم أدخل الجنة عندي مثله.

قال محمد بن رشد: ساوى ابن القاسم بين أن يحلف الرجل بالطلاق أنه من أهل الجنة وبين أن يحلف ليدخلن الجنة في أن الطلاق قد وجب عليه، ومثله في المبسوطة لمالك إذا حلف على ذلك حتما، وقال الليث بن سعد: إنه لا شيء عليه، ونزع بقول الله عز وجل: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: ٤٦] وإليه ذهب ابن وهب ولا يخلو الحالف على هذا من أن يريد بيمينه أنه من أهل الجنة الذين لا يدخلون النار أو أنه من أهل الجنة الذين لا يخلدون في النار أو لا تكون له نية في شيء من ذلك، فأما إن أراد بيمينه أنه من أهل الجنة الذين لا يدخلون النار فتعجيل الطلاق عليه بين ظاهر؛ لأن المسلم لا يسلم من مواقعة الذنوب، إذ لا يعصم منها الأنبياء فضلا عمن سواهم، قال الله عز وجل لنبيه - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢] وفي وصية الخضر لموسى: واستكثر من الحسنات فإنك مصيب السيئات، واعمل خيرا فإنك لا بد

<<  <  ج: ص:  >  >>