عامل شرا، ولا يدري الحالف هل يغفر الله له ذنوبه أم لا؟ لأنه عز وجل يقول في كتابه:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨] فالحالف على هذا إنما هو حالف على أن يغفر الله ذنوبه، فهو حالف على غيب لا يعلمه إلا الله، ولا اختلاف في إيجاب تعجيل الطلاق على من حلف، فلا ينبغي أن يختلف على هذا الوجه، وأما إن أراد بيمينه أنه من أهل الجنة الذين لا يخلدون في النار فالمعنى في يمينه إنما هو لا يكفر بعد إيمانه ولا ينتقل عن إسلامه وليثبتن عليه إلى الموت، الحالف على هذا حالف ليفعلن ما أمر به من الثبوت على الإسلام حتى يأتيه الموت وهو عليه، قال الله عز وجل:{وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران: ١٠٢] أي اثبتوا على إسلامكم حتى يتوفاكم ملك الموت فهذا بين أنه لا شيء عليه؛ لأنه إنما هو حالف ألا يكفر وأن يثبت على إسلامه، فهو في التمثيل كمن حلف بالطلاق أن يقيم في هذه البلدة ولا يخرج منها حتى يأتيه الموت فلا شيء عليه، لا يجب عليه الطلاق إلا بالخروج من البلدة، فكذلك هذا لا يجب عليه الطلاق إلا بالكفر، فلا ينبغي أن يختلف في هذا أيضا، وأما إن لم تكن له نية فالظاهر من مذهب مالك وابن القاسم أن يمينه تحمل على الوجه الأول فيعجل عليه الطلاق، والأظهر أن يفرق بين اللفظين فيحمل قوله: إن لم أكن من أهل الجنة على الوجه الأول فيعجل عليه الطلاق، والأظهر فيه أنه لا يطلق القول على أحد أنه من أهل الجنة إلا إذا لم يدخل النار، ويحمل قوله إن لم أدخل الجنة على الوجه الثاني فلا يكون عليه شيء؛ لأن الظاهر من قوله إن لم أدخل الجنة إن لم أدخلها أصلا، فهو بمنزلة ما لو قال: إن خلدت في النار، وذلك يرجع إلى أنه إنما حلف ألا يكفر وأن يثبت على إيمانه، وأما قول الليث بن سعد وابن وهب فمعناه عندي أنهما حملا يمينه إذا لم تكن له نية على الوجه الثاني، ولهذا قال إنه لا شيء عليه، ولا يصح أن يتأول عليهما أنهما حملا يمينه على الوجه الأول ولم يوجبا عليه الطلاق؛ لأن ذلك يخرج إلى الإرجاء الصريح ومن