قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأنه لما قبض منه الدينار على أن يدفع ثلثه إلى الذي أمره أن يدفعه إليه فقد أقر أنه ليس له عنده إلا ثلثا دينار، فليس له أن يمسك الدينار كله حتى يقر له الذي دفع إليه بصحة ما ذكر من أنه وجده في حسابه.
[مسألة: أبضع الرجل بدنانير مع رجل وأبضع معه آخر بدراهم]
مسألة قال ابن القاسم: إذا أبضع الرجل بدنانير مع رجل وأبضع معه آخر بدراهم يشتري لهما حاجتهما فلا بأس أن يصرف الدراهم بالدنانير بصرف الناس.
قال محمد بن رشد: أجاز أن يصرف دراهم هذا بدنانير هذا بصرف الناس ولم ير بذلك بأسا لأن أمره محمول على أن كل واحد منهما قد فوض إليه أن يصرف ما بعث به معه إن احتاج إلى ذلك، إذ قد لا يجد حاجة الذي دفع إليه الدنانير إلا بدراهم، ولا حاجة الذي دفع إليه الدراهم إلا بدنانير، فصار بمنزلة من دفع إليه رجل دنانير للصرف ودفع إليه آخر دراهم للصرف فأراد أن يصرف من هذا لهذا، فأجاز ذلك مالك في كتاب ابن المواز، وقد أجاز في أحد قوليه حسبما ذكرناه في رسم البيوع الأول من سماع أشهب لمن وكل على الصرف أن يصرف له من نفسه، وهذا أشد من هذا، وقال ابن أبي حازم: لا بأس بذلك إذ لا نظرة فيه، فلا تشددوا على الناس هكذا جدا فليس كما تشددون، وذكرنا [أن] الخلاف في ذلك إنما هو من أجل أنه خيار لم ينعقد عليه الصرف، وإنما أوجبه الحكم، ولم يجز ابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب الصرف أن يصرف من هذا لهذا إن أمره كل واحد منهما أن يصرف له، ومثله لابن القاسم في كتاب ابن المواز خلاف قوله في هذه الرواية، والعلة في ذلك