والنشوز، والبذا باللسان، فأباح للزوج إذا أبغضته زوجته، ونشزت عنه، وبذت بلسانها عليه، أن يمسكها ويضيق عليها حتى تفتدى منه، ومنهم من حمل الفاحشة على العموم، فأباح للزوج ذلك، كانت الفاحشة التي أتت بها زنا، أو نشوزا، أو بذاء باللسان، أو ما كانت، والصحيح ما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأنه إذا ضيق عليها حتى تفتدى منه، فقد أخذ مالها بغير طيب نفس منها، ولم يبح الله ذلك إلا عن طيب نفس منها:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}[النساء: ٤] ، والآية التي احتجوا بها، لا حجة لهم فيها؛ لأن الفاحشة المبينة فيها من جهة النطق أن تبذو عليه، وتشتم عرضه، وتخالف أمره؛ لأن كل فاحشة أتت في القرآن منعوتة بمبينة، فهي من جهة النطق، وكل فاحشة أتت فيه مطلقة، فهي الزنا، والاستثناء المذكور فيها منفصل، فمعنى الآية لكن إن نشزن عليكم، وخالفن أمركم، حل لكم ما ذهبتم به من أموالهن، معناه إذا كان عن طيب أنفسهن، ولا يكون ذلك عن طيب أنفسهن إلا إذا لم يكن منهم إليهن ضرر ولا تضييق. فعلى هذا التأويل، تتفق آي القرآن ولا تتعارض، وقد قيل في تأويل الآية غير هذا، وهذا أحسن، والله أعلم.
[مسألة: عاتبته امرأته فقال برئت مني]
مسألة وسئل مالك عن رجل عاتبته امرأته، فقال: برئت مني. قال: هذا بين أنه لا شيء عليه، وهذا من كلام الناس عند العتاب، ولا أرى فيه شيئا، فإن اتهم، فإن أشده أن يحلف.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن برئت مني، من ألفاظ الطلاق التي تصلح أن تقال عند العتاب عتابا، فإذا قال ذلك الرجل لامرأته في العتاب، لم يلزمه به طلاق إلا أن يريد الطلاق، فإن أتى مستفتيا لم يلزمه فيه طلاق ولا يمين، وإن خاصمته امرأته وأثبتت عليه أنه قال ذلك لها في