بيعها جزافا، إلا مع استوائهما في الجهل بكيلها. فإن علم أحدهما كيلها، وجهل الآخر، كان العالم بكيلها قد غر الآخر، فيكون المغرور منهما الذي لم يعلم بكيلها، بالخيار بين أن يرد أو يجيز. فإن فاتت كان فيها الأكثر من القيمة أو الثمن، إن كان المبتاع هو الذي علم كيلها، والأقل من القيمة أو الثمن إن كان البائع هو الذي علم كيلها وغر المبتاع بذلك.
وكذلك مسألة الجعل في طلب الضالة والآبق، إن كان المجعول له علم بموضعها، فغر الجاعل بذلك، فعلم قبل أن يخرج في طلبه، كان بالخيار بين أن يمضي الجعل أو يرده، وإن لم يعلم بذلك حتى جاء بالعبد كان عليه الأقل من قيمة عنائه إلى ذلك الموضع أو الجعل الذي جعل له، هذا معنى قوله، لا أنه يكون له قيمة عنائه إلى ذلك الموضع، كان أقل من الجعل أو أكثر؛ إذ ليس بجعل فاسد فيرد فيه إلى إجارة مثله بالغا ما بلغ، وإنما هو جعل غبن المجعول له الجاعل بما كتمه من علمه بمعرفة موضع العبد. ولو كان الجاعل هو الذي علم بموضع العبد أو الضالة، فكتم المجعول له ذلك، كان له الأكثر من قيمة عنائه في طلبه أو الجعل الذي جعل له، وبالله التوفيق.
[أبق منه غلام له فبلغه أنه ببلد فاستأجر رجلا بكراء معلوم إلى تلك البلدة في طلبه]
ومن كتاب النسمة
وسئل ابن القاسم عن رجل أبق منه غلام له، فبلغه أنه ببلد، فاستأجر رجلا بكراء معلوم إلى تلك البلدة في طلبه، فقال له: إن جئتني به أو بخبره فلك تلك الإجارة، فلما خرج الأجير خالفه العبد إلى مولاه من قبل أن يبلغ الأجير البلدة، فانصرف حيث بلغه أن العبد رجع، ماذا له من الإجارة؟ قال ابن القاسم: له الكراء التام ويرسله إن شاء في مثل ما قصر من الطريق.
قال محمد بن رشد: قوله فاستأجر رجلا بكراء معلوم إلى تلك البلدة، يقضي على قوله: إن جئتني به أو بخبره فلك تلك الإجارة، ويبين أن