قال محمد بن رشد: عبد العزيز بن أبي سلمة وابن وهب يريان العطاس استهلالا، وأما الرضاع فهو استهلال إذ لا يمكن أن يرضع إلا بعد أن يستهل، وقد مضى الكلام على هذه المسألة مستوفى في أول سماع ابن القاسم من كتاب الولاء وبالله التوفيق.
[مسألة: أصابها رجل بجرح يكون ثلث ديتها هي أتحمله لها العاقلة]
مسألة وقال ابن كنانة لمالك: الذي كنا نعرف من قولك يا أبا عبد الله أن العاقلة تحمل ثلث الدية دية المجروح كائنا من كان رجل أو امرأة إذا بلغ عقل تلك الجراح ثلث عقل المجروح حملته للعاقلة، وإنه قد حمل هاهنا عنك أنك قلت إن المرأة إذا أصابت الرجل بجرح يكون ثلث ديتها وهو سدس دية الرجل المجروح حملته العاقلة، فقال: لا، لقد كذب من قال هذا، ولقد حمل قولي على غير وجهه، قيل له: أرأيت امرأة أصابها رجل بجرح يكون ثلث ديتها هي أتحمله لها العاقلة؟ قال: نعم في رأيي، قال ابن كنانة- ومالك يسمع- من أصيب من رجل أو امرأة بجرح يكون ثلث ديته حملته العاقلة، فأما أن تصيب المرأة رجلا بجرح يكون ثلث ديتها هي فلا تحمله العاقلة هذا الذي كنا نعرف من قول أبي عبد الله - ومالك يسمع-.
قال محمد بن رشد: هذا الذي أنكره مالك في هذه الرواية وقال فيه: إنه من تأوله عليه فقد حمل قوله على غير وجهه من أن العاقلة تحمل الجناية إذا بلغت ثلث دية الجاني كما تحملها إذا بلغت ثلث دية المجني عليه قد رواه عنه ابن القاسم في المدونة، وأنه قال فيه: إنه بين وإن كان الاعتبار بدية المجني عليه في ذلك أبين، وإنما قال إن ذلك أبين لأن الجناية بالمجني عليه أخص منها بالجاني فيما روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من مراسل عمرو بن شعيب