لأن ذلك حفظها على ربها، وحفظ أموال الناس واجب وفي تركها إضاعتها، وقد نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن إضاعة المال، ولو كانت بين قوم مأمونين وإمام غير عدل فخشى إن هو عرفها أن يأخذها لكان الاختيار له أن لا يأخذها، ولو كانت بين قوم غير مأمونين والإمام غير عدل لكان أخذها مباحا له إن شاء أن يأخذها مخافة أن يأخذها غيره فيذهب بها، وإن شاء أن يتركها مخافة أن يأخذها السلطان إن هو أخذها فعرفها.
وأما اللقطة اليسيرة التي لا قدر لها إلا أنها مما قد يشح بها صاحبها ويطلبها، فاختلف قول مالك هل الأفضل أخذها أو تركها، وذلك إذا كانت بين قوم مأمونين، فمرة رأى أخذها وتعريفها أفضل مخافة أن تقع إلى من يذهب بها، ومرة رأى أن تركها أفضل رجاء أن يرجع صاحبها فيجدها، وأما إذا كانت بين قوم غير مأمونين فأخذها وتعريفها أفضل، واحدا، والله أعلم.
وقد اختلف في حد تعريفها، فقيل: يعرفها حولا كاملا كالتي لها بال، وهو ظاهر قول مالك في رواية ابن القاسم عنه في المدونة، وقيل: يعرفها أياما، وهو قول ابن القاسم من روايته في المدونة ورواية عيسى عن ابن وهب في رسم النسمة من سماعه من هذا الكتاب، وأما اللقطة اليسيرة جدا التي يعلم أن صاحبها لا يشح بها ولا يطلبها فهي لمن وجدها ليس عليه أن يعرفها وإن شاء تصدق بها، والأصل في ذلك ما روى «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مر بتمرة في الطريق، فقال: لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها» ولم يذكر فيها تعريفا، وبالله التوفيق.
[مسألة: اللقطة يجدها الرجل فيعرفهما سنة فلا يجد]
مسألة وسئل مالك: عن اللقطة يجدها الرجل فيعرفهما سنة فلا يجد