للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فضل هشام بن حكيم وقول عمر فيه]

ومن كتاب أوله [الشجرة] تطعم بطنين في السنة

في فضل هشام بن حكيم وقول عمر فيه وحدثني مالك عن هشام بن حكيم بن حزام ومثل ما حدثني به أولا، قال: كان عمر بن الخطاب إذا سئل الأمر الذي لا ينبغي يقول أما ما بقيت أنا وهشام فلا يكون ذلك، وقال هشام لبعض أمراء الشام ورأى نبطا قد أقيموا في الشمس لخراجهم فقال لهم: أشهد أني سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إن الله ليعذب في الآخرة الذين يعذبون الناس في الدنيا» ، وكان هشام رجلا قد تبتل وترك نكاح النساء، وكان في حاله شبيها بالسياحة.

قال محمد بن رشد: المعنى في هذا الإخبار بين لا وجه للقول فيه وكفى منه قول الله عز وجل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: ٢٩] الآية فوصفهم الله في التوراة لموسى بن عمران بما وصفهم به من السيماء التي في وجوههم من السجود، ووصفهم في الإنجيل لعيسى بأنهم كزرع أخرج شطأه أي فراخه يقال منه أشطأ الزرع إذا أفرخ يشطي فهو أشطأ وقرأ ابن كثير شطأه بفتح الطاء، وهما لغتان، وإنما مثلهم عز وجل بالزرع المشطأ لأنهم أبتداوا في الدخول في الإسلام وهم عدد قليلون ثم جعلوا يتزايدون ويدخل فيه الجماعة بعدهم ثم الجماعة بعد الجماعة حتى كثر عددهم كما يحدث في أصل الزرع الفرخ منه ثم الفرخ بعده حتى يكثر وينمي وقوله: فآزره يقول فقواه أي قوى الزرع شطئه، ويقرأ فأزره بالقصر وهو في القراءتين جميعا من المؤازرة وهي المعاقدة، فاستغلظ يقول فغلظ الزرع، فاستوى على سوقه، والسوق جمع ساق، وساق الزرع والشجر حامله، وقوله: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: ٢٩] معناه يعجب زراع هذا الزرع لتمامه وحسن نباته، وكذلك محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>