قال محمد بن أحمد: قول سحنون هذا صحيح، وتفرقته بين العسكر العظيم والسرية الصغيرة ظاهرة، واحتجاجه بالحديث بين، وذلك إذا كان أهل تلك الثمار لم يبيدوا، وأمكن أن يعرفوا؛ لأن الواجب على الإمام إذا كان الأمر على هذا، ومر بجيشه على تلك الثمار أن يأمر ببيعها في العسكر، وتوقف أثمانها لأربابها وينشر بها، وكذلك يجب على كل من أخذ منها شيئا أن يبيعه ويمسك ثمنه، ويعرف به ليوصله إلى صاحبه، وأما إن كان الأمر قد طال وباد أهل تلك الثمار، وأيس من أن يعرفوا، أو يعرف أحد ممن تصيرت إليه بالوراثة، فالثمرة لأهل الجيش الكبير في حكم اللقطة إذا لم يوجد صاحبها بعد التعريف، يجري الأمر في جواز أكلها على الاختلاف بين أهل العلم في جواز أكل اللقطة بعد التعريف؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها» ، فمالك يكره له أكلها، وإن كان محتاجا إليها، ويرى الصدقة له بها أفضل، ومن أهل العلم من يبيح له أكلها وإن كان غنيا، ومنهم من لا يبيح له أكلها إلا إذا كان فقيرا، وقد مضى في رسم الوضوء والجهاد، من سماع أشهب، من قول مالك ما يدل على أن أكل ذلك أخف من أكل اللقطة بعد التعريف، وقد بينا هناك الوجه في ذلك.
[مسألة: الروم إذا نزلوا بأمان فباعوا واشتروا ثم ركبوا البحر متى يحلون]
مسألة وسئل سحنون عن الروم أو غيرهم إذا نزلوا بأمان فباعوا واشتروا، ثم ركبوا البحر راجعين متى يحلون، وإلى أي موضع من