قال محمد بن رشد: هذه مسألة خارجة عن أصل المذهب في أن أهل الذمة وأهل الإسلام سواء فيما حازه أهل الحرب من أموالهم، بسبي منهم أو إباق من العبيد إليهم، ثم سباه المسلمون بعد ذلك أنهم أحق به إن أدركوه قبل القسم بغير ثمن، وإن لم يدركوه حتى قسم كان لهم أن يأخذوه بالثمن الذي وقع به في المقاسم إن شاءوا، والذي يأتي فيها علم المذهب أنه لا يكون إذا سبي حرا، ويكون سيده أحق به قبل القسم بغير ثمن وبعده بالثمن إن شاء، ويباع عليه لإسلامه؛ لأن إسلام عبد الذمي لا يسقط ملك سيده عنه بإجماع، وكذلك إباقه إلى بلد الحرب لا يسقط ملك سيده عنه على المذهب، فوجب أن يكون له إذا سبي أسلم أو لم يسلم، ويباع عليه إن أسلم، وإنما يصح جوابه فيها على مذهب من يقول: إن أهل الحرب يملكون على المسلمين، وأهل الذمة ما صار إليهم من أموالهم، فلا يكون لهم إليها سبيل وإن أدركوا قبل القسم، ولا يكون العبد حرا إذا أسلم في بلد الحرب فسباه المسلمون، أو خرج إليهم مسلما إلا إذا كان سيده حربيا كعبيد أهل الطائف الذين أسلموا أو خرجوا إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأعتقهم بخروجهم إليه، وإنما كان يصح جوابه لو خرج النصراني بالنصراني الذي اشترى إلى بلد الحرب ناقضا للعهد، فأسلم العبد في بلد الحرب، ثم غنمه المسلمون، ولو قدم السيد الحربي قبله بأمان فأسلم أو لم يسلم، ثم سبى العبد بعد ذلك، لتخرج على الاختلاف الواقع في المدونة وغيرها في تغليب حكم الدار، وقد ذكرنا ذلك في أول رسم المكاتب، من سماع سحنون، وفي سماع سحنون، ويأتي أيضا في رسم الجواب، من سماع عيسى، من كتاب التجارة إلى أرض الحرب، وبالله التوفيق.
[مسألة: يجد الغنيمة في أرض العدو فيتركها ولا يأخذها]
مسألة وعن الرجل يجد الغنيمة في أرض العدو فيتركها ولا يأخذها