قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال: إنه إن استوضع وهو مغتبط ببيعته، حلت له الوضعية، ورأى ترك ذلك أحسن؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لعمر بن الخطاب:«إن خيرا لأحدكم ألا يأخذ من أحد شيئا» ، وقوله:«اليد العليا خير من اليد السفلى» .
ولم ير عليه فيه حرجا، ولا إثما، ولا ضيقا إن فعله، إذ لم يره من ناحية المسألة المنهي عنها؛ لما مضى من أمر الناس على هذا، واستجازتهم له؛ ولما أشبه ذلك من استعارة الدابة والثوب، ما لم يلح ويتضرع ويتبكى، فإن ذلك مكروه لا ينبغي؛ قال ذلك في سماع أشهب، وهو صحيح؛ لأنه إذا فعل ذلك، أشبه ألا يضع عنه طيب النفس، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» ، قال: وأما إن قال: إن لم تضع لي خاصمتك، فلا خير فيه؛ وهذا بين أن ذلك لا يحل له، ولا يجوز؛ لأنه يضع عنه مخافة مخاصمته إياه؛ فإن فعل ذلك وجب عليه أن يرد وضيعته إليه، أو يستحله منها، أو يكافئه عليها، وبالله التوفيق.
[مسألة: عبد أراد رجل شراءه ليعتقه تطوعا فأبى سيده]
مسألة وسئل عن عبد أراد رجل شراءه ليعتقه تطوعا، فأبى سيده أن ينقصه من خمسين، وأبى المشتري أن يعطيه إلا أربعين؛ فقال العبد للسيد بغير حضرة المشتري، ولا أعلم به لسيده: بعني ولا