قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن معنى ما حلف عليه أن يثبت عليه سبه إياه ويوبخه بتوقيفه إياه على ذلك وتقريره عليه، فلا يبر إلا ببلوغ الغاية في ذلك بالمخاصمة والمقاعدة، فإن تجافى بعد هذا عما يتعين له عليه في سبه إياه من الأدب لم يحنث، وبالله التوفيق.
[مسألة: قال لها إن خرجت بك من موضعك إلا برضاك فأنت طالق فرضيت]
مسألة وسئل مالك: عن رجل حلف لامرأته من غير شرط يكون لها عليه إن خرجت بك من موضعك إلا برضاك فأنت طالق البتة، فرضيت وأشهدت بذلك أنها راضية غير مكرهة ولا مضطرة ولا مغلوبة على أمرها راضية بذلك مسلمة له راغبة في رضاه.
قال مالك: أرى إن خرجت معه عن رضا منها فلا شيء عليه، ولكن أرى عليه إن أرادت منه أن يردها إلى الموضع الذي أخرجها إليه بعد رضاها وتسليمها ذلك إلى الموضع الذي خرجت منه أن ذلك يلزمه. قيل له: وإن هو خرج بها برضاها إلى موضع ولم يجد ما يردها به ولم يقو على ذلك؟
قال: لا أرى أن يخرجها إلى موضع إن سألته ذلك وطلبته.
قال سحنون: لا يلزمه ذلك أن يردها إلا أن يكون شرط لها أن يردها.
قال محمد بن رشد: قد اختلف في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
أحدهما: قول مالك: هذا إنه يلزمه أن يردها إذا سألته ذلك فإن لم يفعل حنث وإن كان تطوع لها باليمين.
والثاني: أنه لا يلزمه أن يردها وإن كان اليمين شرطا في العقد، وهو قول ابن القاسم في رواية سحنون عنه الواقع في رسم سلف من سماع عيسى من كتاب النكاح.