يشك أنه أقل مما كان في الصبرة من الكيل. واختلف هل يجوز أن يصالحه على أدنى من طعام الصبرة، مثل أن يصالحه على شعير، أو على محمولة، والصبرة سمراء، فأجاز ذلك أشهب، واختلف فيه قول ابن القاسم، فله في كتاب الصرف من المدونة: إنه لا يجوز أن يأخذ محمولة من سمراء أو أقل من مكيلته، ولا شعيرا من قمح، لأنه من بيع الطعام بالطعام متفاضلا، إذ قد يكون الشعير أنفق من القمح، والمحمولة أنفق من السمراء، لاختلاف الأغراض في ذلك، وروى يحيى عن ابن القاسم، في رسم الصبرة من سماعه من كتاب الدعوى والصلح، أن ذلك جائز، مثل أشهب، خلاف قوله في المدونة: ولو صالحه على سمراء أدنى من سمراء الصبرة المستهلكة أو على محمولة أدنى من محمولة الصبرة المستهلكة، لا يشك أنه أقل من كيل الصبرة، لجاز ذلك عندهما جميعا، إذ لا يمكن أن يكون رديء المحمولة أنفق من طيبها ولا رديء السمراء، أنفق من طيبها. وبالله تعالى التوفيق.
[مسألة: البر والقمح والرقيق يسرق فيجدها ربها في غير بلده]
مسألة وقال ابن القاسم: قال مالك في البر والقمح والرقيق يسرق، فيجدها ربها في غير بلده: قال: أما البر فالمسروق منه بالخيار، إن أحب أخذ بره، وإن أحب أخذ قيمته في الموضع الذي سرق منه، وأما الرقيق، فإنما له أن يأخذهم ليس له أكثر من ذلك، فأما الطعام فإنما يكون له في الموضع الذي سرق منه.
قال محمد بن رشد: تفرقته بين البر والرقيق، معناه في الرقيق الذين لا يحتاج إلى الكراء عليهم، فحكمهم على قول مالك هذا في نقل الغاصب لهم من بلد إلى بلد، حكم السلع، يكون ذلك فوتا يوجب للمغصوب منه أن يضمن الغاصب القيمة في ذلك كله يوم غصبه في البلد الذي غصبه فيه، وإن شاء أخذ متاعه بعينه ورقيقه بأعيانهم حيث وجدهم، وأما الرقيق الذي لا يحتاج إلى الكراء عليهم، والدواب التي إنما تركب أو تكرى فهي