المسلمين حصرَهم العدو، فخرج نفر من أهل الحصن فقاتلوا العدو الذين حصروهم، فأظفرهم الله بقتل رجال منهم، فأصابوا خيلهم وأسلابهم، وأسروا بعضهم، أيقسم ما أصابوا بينهم وبين جميع أهل الحصن، أو يكون لمن خرج متعرضا للقتال أو لمن قاتل دون لمن خرج ممن لم يقاتل؟ فقال: بل يقسم بين جميع من خرج قاتل أو لم يقاتل، وبين جميع أهل الحصن بعد إخراج الخمس. قلت: أيقسم لخيل من لم يخرج وخيل من خرج راجلا وخلى فرسه في الحصن؟ قال: نعم، إذا كانوا بموضع رباط، وضعوا فيه رصدة للعدو ولذلك سكنوا، ولو كانوا على غير ذلك لم يكن لهم شيء.
قال محمد بن أحمد: وهذا كما قال؛ لأن الحكم في الغنيمة أن تقسم بعد إخراج الخمس بين جميع الغانمين الرجال الأحرار البالغين، من قاتل منهم ومن لم يقاتل؛ لكون من لم يقاتل منهم ردءا لمن قاتل وعونا لهم على الغنيمة؛ لأن نفوسهم تقوى بوقوفهم، وتزيد في جرأتهم على العدو، والعدو يرهبهم، فربما كانوا هم السبب لانهزامهم. فكذلك الذين في الحصن بهم قويت نفوس من خرج لكونهم ردءا لهم، ولعل العدو إنما انهزموا بسببهم. وهذا يبين ما ذهب إليه في المسألة التي قبل هذه، وستأتي هذه المسألة بعد هذا الرسم كاملة أكمل من هذه، وبالله التوفيق.
[مسألة: ناس من العدو أعطاهم الإمام عهدا أيوفى لهم بالعهد]
مسألة قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن ناس من العدو كانوا خرجوا إلى رجل كان في الثغر من أهل الخلاف للإمام، وكان يلي مدينة من الثغر قد غلب عليها، فأعطاهم عهدا فأمنوا بذلك عنده؛ إذ كان فيما أحدث من الخلاف والاستعانة بالعدو على من أراده من