فيصنع به ما شاء، وإلا فلا يتقوى بشيء من أمره ولا بثمنه، إلا في سبيل الله.
قال محمد بن رشد: لسحنون في كتاب ابنه: أنه لا يحرث عليه لنفسه ولا للفرس، وإنما يأخذه من يضمن مؤنته، ولو جاز أن يحرث لقوته جاز أن يكريه ممن يقضي عليه حوائجه لقوته، وقال: لا يركب الفرس إلا لمصلحته، وأما في حوائج نفسه فلا، وإنما يركب في السفر الذي حبس فيه، قال: فإن أعطاه المحبس عليه في ثغر آخر ضمن، وقاله الأوزاعي، وتخفيف ابن القاسم أن يحرث عليه الشيء اليسير الذي لا يضر به لقوته بموضع مرابطة أحسن من تشديد سحنون في ذلك إن شاء الله؛ لأن ذلك عون له على مقامه بموضع مرابطه، فهو من سبيل الجهاد والعون عليه إن شاء الله، وقد مضى في أول رسم، من سماع ابن القاسم، من حكم من أعطى شيئا في السبيل ما يبين هذه المسألة.
[مسألة: أصابوا أعلاجا ثم أدركهم ما أدركهم فخافوا فأرادوا أن يقتلوهم]
مسألة قال أصبغ: سمعت أشهب يسأل عن سريه ساروا، فأصابوا أعلاجا، ثم أدركهم ما أدركهم، فخافوا أن يعينوا عليهم، فأرادوا أن يضربوا أعناقهم، فقال: إن كان استحيوهم فليس لهم إلى قتلهم سبيل إلا أن يقاتلوهم حتى يتبين لهم منهم فيقتلونهم، وإن كانوا لم يكونوا استحيوهم ضربوا أعناقهم إن شاءوا، قيل له: وما الاستحياء هاهنا؟ فقال: إن كانوا تركوهم رقيقا للمسلمين، وفيئا لهم، فأما إن كانوا تركوهم على أن يأتوا بهم الإمام، فيكون مخيرا إن شاء قتل وإن شاء استحيا كما يصنع، ضربوا أعناقهم إن خافوهم، وقاله أصبغ.
قال محمد بن رشد: قول أشهب هذا صحيح على أصولهم، فلا وجه للقول فيه.