الآية من التحليل، قال بذلك من ذهب إلى جواز نسخ القرآن بالسنة. والثاني: أن ذلك ليس بنسخ لأن ما عدا ما ذكر تحريمه فيها عموم يحتمل الخصوص، فيخصص بما يخصص به العموم من أخبار الآحاد والقياس والإجماع. والثالث: ما ذهب إليه الشافعي من أن الآية لا تتناول بظاهرها تحليل جميع ما عدا ما ذكر تحريمه فيها؛ لأن معناها عنده قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه مما يأكلونه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير، وقد كانوا لا يأكلون أشياء تقذرا، منها السباع التي تعدو وتفترس والعقبان والرخم والنسور والخنافيس وشبهها، قال: فلم تدل الآية على تحليل شيء من ذلك، ودخلت هذه الأشياء في معنى الخبائث التي ذكر الله، وقوله: وإنما حرمت عليه السرقة استدلال صحيح. يقول: لو كان السارق لا تؤكل ذبيحته إذا ذبح متاع غيره لوجب أن لا تؤكل ذبيحته إذا ذبح متاع نفسه، كالمحرم لما لم تؤكل ذبيحته إذا ذبح صيد غيره لم تؤكل ذبيحته إذا ذبح صيد نفسه.
[مسألة: ذبيحة الخصي]
مسألة وسئل عن ذبيحة الخصي، فقال: أحب إلي ألا يذبح، فإن ذبح أكلت. قيل له: فذبيحة العبد؟ قال: هو يؤم الناس في النافلة وفي السفر، فأما صلاة الجماعات في المساجد فلا. قيل: أرأيت إن أم خصي قوما أيعيدون الصلاة حين علموا؟ قال: لا.
قال محمد بن رشد: كره ذبح الخصي ولم يكره ذبح العبد وكلاهما لا يكون إماما راتبا ولا تجب الإعادة على من صلى خلفه، فالفرق بينهما أن الخصاء أمر ثابت فنحا به ناحية التأنيث، والعبودية ليست بثابتة قد يعتق العبد، وإنما لم يجز أن يكون إماما راتبا من أجل حق السيد في أن يصرفه في