أنها شاة بعث به إليه أهل أخيها بغير إذنه، فمن دخل داره سارق فذبح له شاة ووجدها مذبوحة فإن كان بلدا فيه مجوس مع المسلمين وأهل الكتاب فلا يأكلها مخافة أن يكون ذبحها مجوسي، وإن كان ليس فيه إلا المسلمون وأهل الكتاب فلا بأس بأكلها، قال ذلك ابن حبيب في الواضحة، وليس ترك أكلها إذا كان في البلد مجوس بلازم في وجه الحكم، وإنما هو على سبيل التورع على ما مضى عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود في أول رسم من سماع ابن القاسم، ويؤيد هذا ما روي عن ناس من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنهم «سألوا رسول الله، فقالوا: أغارب يأتوننا بحيتان مشروحة والجبن والسمن ما ندري ما كنه إسلامهم؟ قال: " انظروا ما حرم الله عليكم فأمسكوا عنه، وما سكت عنه فإنه عفا لكم عنه، وما كان ربك نسيا، واذكروا اسم الله عز وجل» ، وروي عن ابن عباس أنه قال: كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا فأنزل الله عز وجل نبيه وأنزل كتابه وأحل له حلاله وحرم حرامه فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، ثم تلا:{لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ}[الأنعام: ١٤٥] ، الآية.
وإلى هذا ذهب ابن بكير، فقال: لا حرام إلا ما ذكر تحريمه في هذه الآية، وما سواه من الخيل والبغال والحمير وذوي الناب من السباع مكروه وليس بحرام، إذ لا جائز أن تنسخ السنة القرآن، وقد اختلف الذين ذهبوا إلى تحريم ما عدا ما ذكر تحريمه في الآية من الدواب أو ذوي الناب من السباع أو ذوي المخلب من الطير بسنة أو إجماع أو دليل خطاب، كاستدلال مالك على أن الدواب لا تؤكل بأن الله إنما ذكرها للركوب والزينة في تأويل الآية على أقوال، أحدها: أن ذلك نسخ لبعض ما اقتضت