مع ما جاء عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قوله:«إذا خرصتم فخذوا ودعوا، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع» . فعلى هذا يحسن أن يتأول أن قول الله عز وجل:{وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام: ١٤١] إنما يعود على أصحاب المال في الأكل الذي أباحه الله عز وجل لهم ولم يوجب عليهم فيه زكاة، فيكون المعنى في قوله عز وجل {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام: ١٤١] كلوا من ثمره إذا أثمر ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين، وآتوا حقه يوم حصاده. فإذا أكل الرجل على هذا من ثماره بعد طيبها اليسير بغير إسراف لم يحصه في الزكاة، وإن أسرف في الأكل منها أحصاه وأخرج زكاته. وهذا ظاهر في التأويل، يؤيده الحديث المذكور، وبالله التوفيق.
[تفسير قوله عز وجل يُرَاءُونَ]
في تفسير قوله عز وجل:{يُرَاءُونَ}[الماعون: ٦]
وسئل عن تفسير قوله عز وجل:{الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ}[الماعون: ٦]{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}[الماعون: ٧] قال هم المنافقون يراءون بالإسلام ويمنعون زكاة أموالهم.
قال محمد بن رشد: قد قيل في الماعون إنه ما فيه منفعة، كالفأس والقدر والدلو وشبه ذلك مما يعيره الناس بعضهم بعضا بكرم أخلاقهم ولا يشحون به ولا يمنعونه. فالآية نزلت في المنافقين بدليل قوله:{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون: ٥]{الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ}[الماعون: ٦]{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}[الماعون: ٧] لأنه لا يرائي بأعماله ويريد