[مسألة: غرس أو بنى في أرض بينه وبين شريك له وشريكه غائب]
مسألة
قال ابن القاسم: من غرس أو بنى في أرض بينه وبين شريك له، وشريكه غائب، فإنهما يقسمان الأرض، فإن كان بنيانه فيما صار له من الأرض، كان له وكان عليه من الكراء بقدر ما انتفع من نصيب صاحبه، وإن كان البنيان والغرس في نصيب غيره، خير الذي صار في حظه بين أن يعطيه قيمته منقوضا، وبين أن يسلم إليه نقضه ينقله، ويكون له أيضا من الكراء على الباني بقدر ما انتفع به من مصاب صاحبه الغائب. قال عيسى: قال ابن القاسم: ولو بنى بمحضر شريكه، لم يكن لشريكه كراء؛ لأنه كالإذن.
قال محمد بن رشد: لم ير ابن القاسم في هذه الرواية الشركة بينهما في الأرض شبهة للباني منهما؛ إذ قال: إنه إذا بنى وشريكه غائب، يقتسمان الأرض، فإن حصل البناء بالقسمة في حظ شريكه، لم يكن له عليه فيه إلا قيمته منقوضا؛ يريد طال زمان ذلك أو لم يطل. وقد ذكرنا الاختلاف قبل هذا في كون الشركة بينهما في الأرض شبهة للباني منهما فيما بنى.
وظاهر قوله: إن الحكم يكون في ذلك على ما ذكره من قسمة الأرض إلى آخر قوله، سواء اتفقا على القسمة ابتداء أو دعوا إليها، أو اختلفا إليها أحدهما ابتداء، أو دعا الآخر إلى أن يحكم بينهما في الغرس والبناء قبل القسمة، ولا اختلاف إذا اتفقا على القسمة، ودعوا إليها ابتداء، وأما إذا اختلفا في ذلك، فالذي يأتي في هذه المسألة على ما في آخر كتاب الشفعة من المدونة في الدار تكون بين الرجلين، فيبيع أحدهما طائفة منها بعينها أن يشتركا في البنيان، بأن يعطي الذي يبنى للباني من قيمته منقوضا، قدر حظه من الأرض، ثم يقتسمان بعد أو يتركان، ولو بنى بإذن شريكه أو بعلمه وهو ساكت لا يغير ولا ينكر، على القول بأن السكوت كالإذن؛ لوجب على مذهبه، وروايته عن مالك أن يكون له قيمة بنيانه قائما إن اقتسما، فصار