وحسن إسلامه وإسلام المؤلفة قلوبهم حاشى عيينة بن حصن فلم يزل مغموزا عليه.
وسائر المؤلفة متفاضلون، منهم الخير الفاضل المجتمع على فضله كالحارث بن هشام وحكيم بن حزام وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، ومنهم دون ذلك، وقد فضل الله النبيين وسائر عباده المؤمنين بعضهم على بعض، وهو أعلم بهم.
وأقام الحج للناس عتاب بن أسيد في تلك السنة، وهو أول أمير أقام الحج في الإسلام، وكان خيرا فاضلا ورعا.
[أحداث السنة التاسعة من الهجرة]
وفي السنة التاسعة كانت غزوة تبوك، وذلك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما انصرف من عمرته بعد فتح مكة وغزوة حنين وحصار الطائف أقام بالمدينة ذا الحجة والمحرم وصفر وربيع الأول وربيع الآخر وجمادى الأولى وجمادى الآخرة، وخرج في رجب من سنة تسع بالمسلمين إلى غزو الروم، وهي آخر غزاة غزاها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنفسه، وكان خروجه إلى تلك الغزوة في حر شديد حين طاب أول التمر في عام جدب، وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يكاد يخرج غازيا إلى وجه إلا ورى بغيره، إلا غزوه تبوك فإنه بينها للناس لبعد المسافة ونفقه المال والمشقة وقوة العدو المقصود إليه، فتأخر الجد بن قيس من بني سلمة، وكان متهما بالنفاق، فاستأذن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البقاء وهو غني قوي فأذن له وأعرض عنه، فنزلت فيه:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا}[التوبة: ٤٩] .